بالنسبة للعنصر الثاني في المعادلة ، والذي يتمثل في مصطلح "دولة المؤسسات" يمكن القول أنه أيضا لفظ مركب من كلمتين هما ( الدولة - المؤسسة ) . وحين التطرق االى تطبيق نفس المنهج الذي أعتمد مع المصطلح الأول " النضج المواطني " نفصل بين الكلمتين ، ثم نطرح السؤال: "ما معنى ؟"
أ- ما معنى الدولة ؟
نعني بكلمة "دولة" كيانا بشريا يبسط نفوذه على قطاع جغرافي من الكرة الأرضية ، ثم ينتفع منه طوع أذواقه ووفقا لمزاجه ، دون الآحتكام لميزان الربح والخسارة ، أو الامتثال لمعيار الخطأ و الصواب .
نعني بكلمة "دولة" رغبة جمع من الأفراد تتجسد في شكل ممارسات تسمح باضفاء أسلوبهم الحياتي على رقعة ما من الأرض ، من غير التقيد بالبعدين الزماني و المكاني .
ونعني بكلمة "دولة" مجموع التفاعلات التي تحدث بين أشخاص يشملهم نفس الحيز والغرض النفعي ، سواء بحلول عقد التراضي بينهم ، أو بغيابه .
كما نعني بها أيضا تلك الطقوس و تلك الأجواء التي يتعاطاها قسريا أو عن طواعية أفراد يتشاركون استثمار فضاء محدد ولو في تذبذب موازين القوى واختلال توازن القسطاسية.
ب- ما معنى المؤسسة ؟:
نعني بكلمة "مؤسسة" توافق مجموعة من الناس على احترام قاعدة تصرفية لانجاز غرض مشترك .
نعني بكلمة "مؤسسة" مجموعة آليات وضعت لضبط العلاقات والمعاملات البينية لضمان ديمومة الاستثمار بالايجاب.
نعني بكلمة "مؤسسة" هيكلا معنويا يعكس ارادة ورغبة فئة من الناس بينهم منافع متبادلة تستلزم الجهد المشترك .
كما نعني بها أيضا استرشاد ( البشرية ) واهتداءها الى احلال العقل محل الغريزة في التعاطي مع كافة مناحي الحياة . و في النهاية يعتبر ثمرة ( الأنسانية ) في صراعها من أجل البقاء .
وبالتالي فالاجتهاد من أجل بناء "دولة المؤسسات" سلوك حضاري ، من جهة ، وسعي مشكور من الجهة الأخرى . فلا القواعد الأخلاقية تسفهه،ولا الأعراف الأصالية تخجل منه أو تحجم عنه، بل بالعكس كل الأدلة والمؤشرات توحي الى "أننا" مؤهلون وحاملون لكل مواصفات المواكبة و متطلباتها.
فالانسانية قد مرت في مسيرتها التاريخية بعدة مراحل تطورت من خلالها باستثمار رصيدها الخبروي والمعرفي ، الى أن وصلت الى هذا المفهوم الذي نحن بصدد الحديث عنه ، نذكر من بينها المحطات الأكثر تأثيرا مثل: مرحلة انسان الغاب-مرحلةالانسان الحجري- مرحلة انسان الكهف- مرحلة اكتشاف النار- مرحلةانسان السماء (الخرافي)- مرحلة الامبراطور(القوة)- مرحلة التبادل المصلحي- مرحلة الأنسنة(ظهورالاسلام)- مرحلة (صكوك الغفران)- مرحلة الخلافة الاىسلامية- مرحلة الحروب الصليبية- مرحلة الأنوار(النهضة الأوروبية)- الاكتشافات- الكولونيالية- النزعة التحررية- الحرب العالمية الثانية- عصبة الأمم-الأمم المتحدة....مؤخرا الاتفاقية الدولية لحقوق الانسان . مع ما صاحب كل ذلك
من انجازات في المجالين العلمي والتكنولوجي و مدى تحكمهما في بناء الأنسان الحالي، خصوصا مع وتيرة الجيل الأليكتروني ، والجينة المورثة ، هذه سنين خلت .
لم نغب يوما "كجزائريين"عن واحدة من تلكم المحطات ، الا أن قطار "الزمن" كان دوما يفوتنا عند كل موعد . ليس لأننا ناقصي لياقة ، أم نفتقد لخفة و رشاقة الراكضين ، و انما كل طاقاتنا كانت تستنزف في غير .....تابع شفافيات 5