منقول للفائدة و أمانة للكاتب
كثيرا ما
نسمع و نقرأ عن أموال الخدمات الاجتماعية على أنها أموال عمال التربية
الوطنية ما دفع البعض بالمطالبة بالشهر الثالث عشر و هنا يجب أن نذكر ببعض النقاط
بغرض التوضيح:
·
إن مصدر هذه الأموال ليس أجور عمال القطاع أي أنها ليست ناتجة عن
اقتطاعات من أجورهم و لذلك لا تظهر في كشف الراتب الشهري لأي كان منهم ، بل مصدرها
هو ميزانية وزارة التربية الوطنية أي رب العمل فهذه الأموال
أعباء إضافية تقع على عاتق رب العمل و يتم حسابها بنسبة 3 % من
الكتلة الخام للأجور ( علما أن 0.5 % تحول إلى
صندوق معادلة الخدمات الاجتماعية FNPOS و0.5 % تحول لصندوق
التقاعد لتمويل التقاعد المسبق و تبقى 2 % تحول للخدمات
الاجتماعية)، و نلاحظ أن أجور العمال تستعمل كقاعدة لحساب المبلغ الذي يجب
على رب العمل دفعه لهذه الخدمات الاجتماعية فقط و لا يقتطع من أجورهم أبدا و من هنا يجب أن نعلم أن لا أحد
له الحق بالمطالبة بنصيبه منها فهو لا يتمتع بحق الملكية في مواجهتها و إنما كل
عامل من عمال القطاع له الحق في الاستفادة منها في المناحي التي تصرف فيها هذه
الأموال و هي محددة قانونا في المرسوم التنفيذي 82/303 و لتسهيل تصور الفرق بين حق
الملكية و حق الانتفاع يمكن ذكر المثال التالي : كل المواطنين الجزائريين
لهم حق استعمال المرافق العامة مثل البلدية و البريد و
بكل عدل و مساواة و لا فضل لأحد على آخر و لا يمكن لأحد أن يمنعهم من
ذلك لكن في المقابل هل يحق لأحد المواطنين أن يطلب نصيبه من المرفق
فيستولي عليه و لا يهمه بعد ذلك شيء؟ كذلك أموال الخدمات فكل من يعمل في قطاع
التربية الوطنية له حق الانتفاع بهذه الأموال و ليس له خق ملكيتها فلو ذهب
أحدنا إلى القضاء للمطالبة بنصيبه فسوف ترفض دعواه من ناحية الشكل و تقبل دعواه
إذا كان عرضة للتهميش أو للإقصاء من الاستفادة وهو أهل لها.
· فيما يخص
الاستفادة من أموال الخدمات يجب أن تكون مبنية على العدالة و ليس على
المساواة المطلقة فعلى سبيل المثال في الجانب المتعلق بالمساعدات
المخصصة للمرضى يجب أن يستفيد منها من كان يعاني من مرض معين أو من كان في حاجة
إلى عملية جراحية
و لا يعقل أن تمنح في المقابل تحت شعار المساواة أموال لأناس أصحاء
ليسوا بحاجة إلى تكفل بسبب المرض، ونفس الشيء ينطبق على المساعدات المقدمة لشراء
مسكن أو سيارة أو غير ذلك.
· فيما يخص
الشهر الثالث عشر فإذا حسبنا 2 % من أجر أستاذ
التعليم الثانوي المصنف في الفئة 13 نجد 0.02 * 26010= 520.2 دج نضرب
ذلك في 12 شهرا فنجد 520.2*12= 6242.4 دينار ثم نضرب الناتج في معامل 0.85
لنجد الأجر الصافي بالتقريب ( أي بعد خصم الضرائب و الاشتراكات في صناديق التأمين
و التقاعد ) نجد 5305.87 دينارا و هذا خُمس ما يتقاضاه أستاذ تعليم ثانوي في
الدرجة صفر(0). قد تنقص هذه النسب أو تزيد حسب أجر كل أستاذ لكن في كل
الحالات لا ترقى أن تكون بقيمة أجر شهر أي لا وجود للشهر الثالث عشر إطلاقا أضف
إلى ذلك أن أموال الخدمات الاجتماعية لا توزع حسب أجر كل واحد من العمال بل
توزع بالتساوي فإذا مرض عامل بسيط و مرض أستاذ مبرز يجب الاعتناء بهم بنفس
الطريقة فتقدم لهما مساعدة بنفس الكيفية و لا فرق بينهما لأنهما مريضان و
يستحقان العلاج و منه فالمبلغ الذي حسبناه سابقا سوف يؤول إلى الأقل و ذلك
بعد حساب أجور العمال و الأساتذة معا.
· فيما يخص
الفرق بين التسيير عن طريق لجان على مستوى المؤسسات و لجان على مستوى
الولايات و لجنة وطنية:
1. إن التسيير
عن طريق لجنة على مستوى المؤسسة في ظاهره وجود شفافية في
التسيير بحيث الكل يعلم إين تصرف هذه الأموال لكن هل يمكن لكل مؤسسة
اقتناء سيارة إسعاف لمساعدة المرضى المقعدين على التنقل لغرض العلاج ؟ طبعا لا.
فإذا قلنا أن المؤسسات يمكن أن تتفاهم و تتضامن مع بعضها نجد أنفسنا أمام وضعية
غير قانونية فجمع المال أمر محضر إلا إذا كان عن طريق نص قانوني و وجود هذا النص
يرجعنا إلى لجنة ولائية و لجنة وطنية ، كما أن بعض الولايات النائية مثل تندوف و
إليزي و تمنراست لا يمكن أن يستفيد أبناء عمال التربية فيها بقضاء عطلة على شاطئ
البحر لأن نصيب هذه الولايات من أموال الخدمات الاجتماعية لا يمكنها من دفع
ثمن تذاكر الطائرة لهؤلاء الأبناء ولهنا يجب أن تكون هناك لجنة وطنية أيضا و في
التسيير عن طريق اللجنة الولائية و الوطنية حماية لمبدأ التضامن بين عمال
القطاع .
2. ثم لنتصور أن
عاملا واحدا رفض تقديم مساعدة لزميل مريض بحجة الثمن الباهظ فإن مآل هذه الأموال
هو التفتيت بطريقة الشهر الثالث عشر الذي بينا أعلاه عدم صحة وجوده و عدم
نفعيته و لا مجال للناس المرضى في تلقي مساعدات، و بحكم تجربتنا كزملاء في مؤسسة
كنا نجد صعوبة في التكفل بزميل مريض بل حتى في مساعدته جزئيا فهناك من يرفض ذلك
بحجة كرهه له أو لأي سبب آخر فكيف سنحافظ على كرامة الأستاذ و العامل دون وجود
هيكل يضمن لكل محتاج الاستفادة من هذه الأموال حسب الإمكانات المتوفرة .
· إن التضامن
يقتضي أن يستفيد الأكثر تضررا من هذه الأموال دون غيره و من دون تضامن بيننا
لا يمكن أن نواجه صعوبة الحياة و أزماتها و لعل أحسن مثال للتضامن هو ما يقوم به
نقابيو كنابست الذين يبذلون قصارى جهدهم من أجل الدفاع عن كرامة المربي و لا
يستفيدون إلا يالقدر الذي يستفيد منه زملاءهم من رفع للأجور أو ترقية أو غير
ذلك ، و بحكم التجربة فإن الأشخاص الذين يرفضون التضامن في أوقات الرخاء هم من
يطلبوا مساعدة غيرهم من زملائهم أثناء أزماتهم.
· إن
نقابتنا عملت و تعمل على إبعاد تسيير الخدمات الاجتماعية عن
الهيمنة النقابية و على إرساء قواعد تسيير تضمن أكثر شفافية و عدالة
كما تبنت طريقة ديمقراطية في تعيين من يسير هذه الأموال فهي تريد أن
يكون للجميع حق الترشح للجان تسيير الخدمات دون تمييز بين أستاذ أو عامل أو
إداري و الكل يجب أن ينتخب من يراه مناسبا لهذا العمل و يبقى للنقابات كلها
حق الإطلاع فاللجنة يجب أن تعطي للنقات و للوزارة أو مديريات التربية برنامج عملها
السنوي و كذا التقرير المالي والأدبي عند نهاية كل سنة مالية مما يسمح برقابة عمل
اللجنة، أما المراقبة المالية فهي من اختصاص المفتشية العامة للمالية و كذا مجلس المحاسبة،
و لا يجب أن يدفعنا تخوفنا من تحويل للأموال و تعدِ قد
يحصل على القوانين من رفض طريقة التسيير باللجان الولائية و الوطنية
فمثاله أن نرفض وجود رئيس للجمهورية بسبب تخوفنا من السقوط في نظام دكتاتوري
في الأخير لو كان هذا المنطق سليما لما ترك الله أحدا من الذين يقترفون
الجرائم بل كان له أن يقضي عليهم فبل اقترافهم لجرائمهم و هو أعلم أن فلان
أو فلانة سوف تقترف الجرم الفلتاني بعكسنا نحن بني البشر فإنه
لا يقين لدينا بل شكوك.
إن نقابتنا
لا تريد أن تكون طرفا في تسيير أموال الخدمات الاجتماعية و هي ترى أن
كل من لديه مسؤولية نقابية في صفوفها لا يمكنه الترشح لتسيير هذه الأموال و كل من
يريد الترشح عليه تقديم استقالته من هيكل تسيير النقابة و
النقابة لا تتحمل أخطاءه أو التهم الموجهة ضده و لو كانت تهما جزافية فكل من يتولى
تسيير هذه الأموال يجب أن يتحمل المسؤولية الشخصية في عمله هذا. كما
أن عدد أساتذة التعليم الثانوي على فرض أن كلهم منخرط في نقابتنا فهذا العدد لا
يمكن لهؤلاء من الحصول على الأغلبية المطلقة في انتخاب هذه اللجان.
عن المنسق
الوطني لنقابة كنابست
الأستاذ نوار
العربي