من باب الصدق و الاخلاص .
من باب المهنية و الالتزام .
من باب البر بالرقي و الأنسنة .
بحكم أحقية التمثيل و واجب الاستشارة .
بحكم ضرورة الأداء الايجابي و المطابقة الميدانية .
و بحكم الممارسة الشرعية المشروعة للمنتخب ، لا يعد من المواكبة و التحضر الاحجام عن استثمار الدور و تفعيله بما يتوافق مع معطيات الظرف و متطلباته . هذا ، إن اتخذنا معيار الاحترافية مقياسا و بصرف النظر عن المردود والنتائج .أما من المنظور الأخلاقي ، فان نقض العهود و النسف بالأمانات لأمر مشين منبوذ من كافة الأعراف و الديانات . لهذا و ذاك يتعين على المنتخب ، أيا يكن اطاره أو منصبه أن يعود الى ناخبيه (ان رسميا او احتراما أو على الأقل ردا للجميل) بحصيلة نشاطاته سلبية هي أم ايجابية ، لأن القيام بسلوك كهذا دليل صدق و وفاء و التزام ، كما أنه تكريس لأدنى مباديء قيام السيادة و أعظمها ضمانا لاستمرارية العيش الجماعي ، لكونه يجسد العلاقة التفاعلية المبنية على الاعتبار المتبادل .
و حينما يتعلق الحديث باللجنة الوطنية و اللجان الولائية المنتخبة مؤخرا (2012) في صيغتها الحالية ، لتسيير أموال الخدمات الاجتماعية لقطاع التربية ، لا يسعنا سوى أن نهنيء أنفسنا أبناء القطاع ، و ندعو الآخرين أن يحذوا حذونا ، لأن الخطوات المتبعة لتشكيلها قد استوفت كافة شروط بناء "المؤسسة" بالمعنى الحداثي للكلمة . من نضج ، فنضال ، فاسترجاع ، ثم انتخاب شفاف نزيه لا تعتريه شائبة ، أسفر عن ممثلين حقيقيين كاملي الشرعية ، ما جعل من العملية في مجملها تجربة رائدة يستدل بها للاهتداء وجهة المسار المواطني و بناء الصرح المؤسساتي المنشود . الا أن التعاطي الخجول ، المتردد ، و اللامسؤول من قبل المنتخبين مع هذا الفضاء ، أفقده شيئا من البريق و الزخم .
- خجل يتمثل في عدم تقديم منتخبينا هؤلاء أنفسهم بديلا كفؤا جديرا بتغيير نمط التفكير و أسلوب الممارسة في "التسيير" . يتضح ذلك جليا من خلال تبنيهم وثيقتي (القانون الداخلي و الضوابط العامة لتسيير أموال الخدمات) على نفس الصيغة التي شكلتها عليها النقابة الأحادية يوم احتكرت لنفسها صلاحيات التكفل بهذه المؤسسة منذ سنة (1994) ، خدمة لمشروع و سياسة لم تكن لتحافظ وترعى مصالح كافة مستخدمي القطاع . والآن وقد تغيرت تركيبة اللجان وكيفية تشكيلها بموجب القرار الوزاري 01/2012 . فالابقاء على الصبغة العمودية و المرجعية الأحادية في ممارسة السلطة و اتخاذ القرار داخل هذا الفضاء ، ضف اليهما مركزة ادارة المصالح و الاستثمارات ، يتنافى كلية و الطابع التعددي الأفقي للجان الحالية . هذا ما قلل من شأن المكسب و خيب آمال كثير من المتفائلين داخل و خارج القطاع ، حيث لم يتحسسوا أدنى مؤشر من خلال النصوص ، يدل على استرجاع الهيئة و تحريرها ، أو ما يمنح على الأقل الأحقية في الشراكة . في الحقيقة ، ضبابية النصوص الواردة في الوثيقتين و اللبس الذي يعتريها أفرغها من المحتوى و انتزع منها روح السند و المرجعية ، ذلك ما أفقد الهيآت المتخبة الوطنية والولائية فعاليتها و جردها من شرعيتها في اتخاذ المبادرة والقرار و هما عنصرا السلطة الأساسيين (لا تكتسب هذه الا عبر تمثيل شرعي لا يخوله سوى الاقتراع المكتمل المقاييس) . و حين تأتي ساعة الحسم ، أعني التسيير في الميدان : لم تمكنهم تلك القوانين التي صادقوا عليها بأنفسهم من تفعيل شخصهم ، أو ممارسة حقهم و لا حتى الادلاء برأيهم ، ما أدى بهم الى الاضمحلال و التلاشي كلية من هذا الفضاء في أذعان و رضوخ مذلين أمام الهياكل الأدارية المتمرسة ، المكتملة الترويض والمصوغة أصلا على ضمان التملك والسيطرة
للنافذين على حساب المستخدمين ، انها مكيفة كذلك و لذلك منذ قديم الأزمان والممارسة و ليس هذا سرا على أحد .
- تردد يتضح من خلال عدم اقدام المنتخبين (الهيئات التنفيذية منهم على وجه الخصوص أعني الرئيس و النائبين) على تعديل "الضوابط العامة لتسيير أموال الخدمات" وفقا لما يغذى طموحاتهم في التغيير و تأكيد جدارتهم في التسيير
بما يستجيب لانشغالات ناخبيهم و تطلعاتهم في استرداد فضائهم هذا بين أيديهم . لقد تحمس الجميع ابان مرحلة التحضير للانتخابت و استشعروا قدوم الاستقلال و انفتاح الآفاق . لقد ركزوا أثناء الحملة على أمرين هامين بالاضافة الى
عامل ترشيد التسيير ، ألا و هما :- " جرد أملاك الخدمات " ما يعني الاطلاع على الأرشيف ، المعالجة ، ثم المتابعة حين تقتضي الحاجة ، لئلا تصادر هذه بالدينار الرمزي مثلما هو مألوف.
- " استثمار الرصيد المتراكم " جراء تجميد أموال الصندوق مدة سنتين و نصف ، من نهاية شهر جويلية 2010 الى بداية شهر جانفي 2012 بقرار من الوزير للانتقال الى المرحلة التعددية الشرعية التي طالبت بها و افتكتها النقابات ، بموجب القرار 01/2012 . و حينما نعلم أن المبلغ يتعلق بثلاث في المائة (3/100) من كتلة الأجور الخام مع كافة المنح و العلاوات ، لتعداد مستخدمي القطاع الذي يربو عن السبعمائة ألف عامل (700000) و بأجر يناهز أو يفوق العشرين ألف دينار (20000 دج) للفرد ، فلكم أن تحسبوا سادتي ! .
هذه المحاور الثلاث ، أو الاشغالات والهواجس، أم الأماني و الرغبات، ام المرامي و الأهداف، سمها ما شئت ، ما تحققت و لا تجسدت ، ان نسبيا أو كليا ، في ظل هذه العهدة الأولى التي أتت أو تشرف على نهايتها ، ولا حتى أظهر "المنتخبونا"
نية في السعي الى ذلك ، بل بالعكس تملصوا و تنكروا و تخلوا عن واجبهم ، و ليتهم انكفوا عند التنصل من المسؤولية فحسب وانما اندمجوا بسرعة البرق في المنظومة ثم انصهروا ، فاحتوهم هذه باحتضان الى أن أضحوا يدافعون عن العرش بشراسة الملك أو تفوق ذلك ، لأنهم يحوزون حسب أدائهم بالرغم من مستوياتهم و مؤهلاتهم على براعة الامتثال و يفتقدون الى براءة التمثيل ، ما جرد المكسب مغزاه و أطفأ شعلة الأمل ، تلك التي انبثقت لولا تخاذلهم .
1- بالنسبة لترشيد الانفاق و التسيير : لنتفق باديء ذي بدء أنه (اي ميليم يصرف خارج ارادة صاحبه أو دون استشارته عد تجاوزا و اغتصابا) و نحن اذ نقول كذلك لم نخترع شيئا فهو من صميم التفكير و الأنية الجزائريين ، من منا لا يغتاظ أو لا يشعر بالاهانة حيال ذلك ؟ بينما اخواننا "الذين انتخبناتهم و راهننا عليهم غاليا" قد حادوا و غيروا الوجهة باعتناقهم مذاهب و أساليب من سبقوا ، ذات النزعة الاحتكارية المالكة التي تخول التصرف في شؤون الناس و أموالهم بلا حسيب و لا رقيب و كأنهم أباطرة . ان ذلك لمؤكد ، جلي الوضوح ، من خلال نصوص الوثيقتين اللتين استنسخوهما على نهج السلف ، سلف كان يصنع حكامه في الظلام و داخل الدهاليز . بينما الآن الأمر يختلف ، فالأنسان قد انتخب أمام الملأ و بارادة ناخبيه الحرة ، ألم يحسوا بذلك ؟ أم أنهم تعمدوا سوء القراءة والتقدير . ان "المنتخب" مسؤول ، لا يسعه أن يكون ، لا مديرا ، لا رئيسا ، و لا حاكما ، فأين هو من الملك ؟ انه يستمد سلطته و سبب وجوده من شرعية تفويضهم لا غير ، فلمن ولم الولاء ؟ كل ما يترتب على ذلك من خدمة و واجبات أن يقدم أمامهم الحصيلة ، وقتما ، أينما ، و كيفما شاؤوا حتى تستتب العلاقة و تثمر المعادلة التفاعلية و تضحى ذات نتيجة . و ان لم يكن الأمر كذلك فلا سيادة و لا استقلال ! . و بالتالي لم يعد للعملية برمتها معنى يذكر ، أي أن كل تلك الطاقات ، كل تلك المجهودات ، كل تلك الأمنيات ، كل تلك التوقعات ، كل تلك الاستراتيجيات ، كل تلك المحاولات ، ضربت في العدم ! .
ان المتعارف عليه لدى عامة الناس و خاصتها أنه اينما وقعت انتخابات ، بغض النظر عن غرض اجرائها ، لا بد من أن يمتثل المنتخب امام ناخبيه ليقدم لهم حصيلة نشاطه ، يجب و يمكن أن يتجسد ذلك حتى في بلادنا بالمناسبة ، سواء تعلق الأمر بالجمعيات ، أم الأحزاب أو أي تنظيم آخر ، فكيف لمؤسسة مثل هذه تتولى صرف الملايير من مستحقات الناس ، لا يلزم المسؤولون "المنتخبون " عنها أنفسهم بتقديم الحساب ومنح ناخبيهم آليات للمتابعة كعربون لمصداقية ، و اعتراف بسيادة ، ثم اقرار بمواطنة . و ذلك لا يتحقق الا عبر ترسيخه بنص صريح في وثيقة رسمية معتمدة ، هم من يحررها و يصادق عليها بقوة الشرعية و القانون . هنا مكمن الخلل اخوتي ! لا يكفي ادعاء النضج و الجمهورية أو الاستقلال هباء و انما ، سلوك ميداني مضبوط ، وأداء مهني محترف ، ينم عن تخطيط هادف واع . لكن "منتخبينا" سواء في اللجنة الوطنية أم اللجان الولائية وأخص منهم بالذكر (الأعضاء التنفيذيين) أعني الرؤساء و النواب (أنا واحد منهم) قد أخفقوا و فشلوا في المهام التي أنيطت بهم ، اذ هم استهانوا بكفاءاتهم التي شهد لهم بها زملاؤهم حين اجتبوهم من بين الآلاف و عقدوا عليم آمالهم ، و كفروا بالعلم الذي يحملون حين انجروا و سيقوا خلف السراب الموهوم ! و الا فكيف نفسر استنساخهم لتلكم الوثيقتين على نفس الصيغة التي هما عليها منذ زمان ، بل و أبشع ؟ من يملك منكم تأويلا غيرهذا فليدلنا عليه لعلنا نهتد . ما يدمي القلوب و يحز في النفوس ، ثم يثبط العزائم و يخر الهمم ، أن يحدث هذا الذي نرى في وسط لطالما توخينا منه الخلاص و عددناه مثالا يقتدى لأن أبطاله أناس حري بهم الطلائع لولا أنهم تخاذلوا و تقاعسوا في تآمر و تواطؤ مفضوح ، و من ظن أن للوطن مثوى أو حاميا خارج اطار العلم والمتعلم قد جهل ، والجهل أشد من